مع حلول رمضان، تعرف صفحات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إقبالا كبيرا على البيع والشراء عن بعد، إذ تشكل متنفسا للمستهلكين للحصول على مختلف المنتجات، لاسيما ملابس وتجهيزات العيد، وهم مرتاحون في منازلهم أو مناطق عملهم، دون عناء التنقل من متجر إلى آخر.
ويتجه الجزائريون نحو الاعتماد أكثر على هذا النوع من التجارة و بوتيرة متسارعة دعمتها الحاجة الملحة بعد الظرف الصحي الذي عرفه العالم منذ سنة 2020, مع انتشار جائحة كوفيد-19 التي دفعت التجارة الالكترونية, والتي ينتظر تنظيمها أكثر في الجزائر بعد صدور القوانين المؤطرة لها منذ سنة 2018.
وسجلت وكالة الأنباء الجزائرية رضا العديد من المستهلكين والمتعاملين عن خدمات البيع والشراء عن بعد, فيما سجل البعض عددا من النقائص.
وتعد التجربة “جيدة” بالنسبة لمريم التي أكدت “رضاها عن هذه الخدمات الالكترونية, من حيث احترام الآجال وايصال السلع الى باب المنزل, بالنسبة لبعض المتعاملين”, غير أنها لاحظت أن بعض الباعة “لا يسلمون الزبون نفس نوعية السلع التي تعرض عبر الانترنت وإنما سلع شبيهة بها وبنوعية أقل”.
أما حليم, فأكد أن تجربته مع هذا النوع من التجارة كانت “في المستوى”, لاسيما وأن “التجار يجيدون التسويق عبر الانترنت حاليا أكثر من التجارة العادية, من ناحية التركيز مع الزبون وايلائه كافة الأهمية, على عكس المحلات التي تعرف غالبا الاكتظاظ ولا تسمح لصاحبها بالإنصات الجيد لكل الزبائن”.
من جانبها ترى عبلة, إحدى المتعاملات في مجال التجارة الالكترونية بالعاصمة, أن ممارسة التسويق والبيع عن بعد “جد مريحة” بالنسبة للمتعامل, بحيث لا يضطر لمعالجة عدة طلبات في آن واحد, وانما يعالج كل طلب على حدا.
وعلى الرغم من ذلك, أكدت المتحدثة أن التجارة الالكترونية في الجزائر “لازالت بعيدة كل البعد عن مفهومها الحقيقي” و أنه في العديد من الأحيان “يتغلب الخوف من النصب والاحتيال على ذهنيات الجزائريين, لاسيما وأن هذه المعاملات ترتكز على الانترنت أساسا, والذي تلعب فيه الثقة دورا هاما لإتمام المعاملات”.
أما عبد الحكيم فيقول أنه تعرض الى “خيبات متتالية”, عند قيامه ببيع سلعه عبر الانترنت, بعد تغيير عدة زبائن لآرائهم وعدم تسلم السلع, وهو ما كلفه الوقت والمال ومخاطر تعرض سلعه للتلف لاسيما وانها عبارة عن تجهيزات رقمية حساسة, حيث انه مضطر ليدفع للموزع سعر نقلها وسعر إعادة إرجاعها.
أكثر من 2000 متعامل مقيد بالسجل التجاري وتطهير النشاط من “الدخلاء”
ولتوضيح طبيعة هذا النشاط وضوابطه القانونية, اتصلت وكالة الأنباء الجزائرية، بمدير مراقبة الممارسات التجارية و المضادة للمنافسة, بوزارة التجارة وترقية الصادرات, محمدي رضوان, الذي أوضح أن الوزارة فتحت ملف التجارة الالكترونية قصد “تطهيره من الدخلاء” وحماية حقوق المستهلكين.
واستحدثت الإدارة المركزية في هذا الإطار رمزا للنشاط خاصا بالتجارة الالكترونية يحمل رقم 607.074 على مستوى المركز الوطني للسجل التجاري, وذلك بموجب القانون رقم 18-05 المؤرخ في 10 مايو 2018 المتعلق بالتجارة الالكترونية.
وحسب نفس المسؤول, فقد بلغ عدد المتعاملين المقيدين لدى مصالح السجل التجاري, تحت رمز نشاط التجارة الالكترونية ,حتى أبريل الجاري, 2127 متعاملا منهم 1010 شخص طبيعي و1117 شخص معنوي , فيما تحصل على اسم النطاق المفروض في المعاملات الالكترونية 176 متعامل فقط, بنسبة تمثل 27ر8 بالمائة.
ويلزم القانون جميع ممتهني التجارة الالكترونية بالحصول على اسم النطاق (.dz) لإضفاء الشرعية على نشاطاتهم وتقديم ضمانات أكبر للمستهلكين مما يسمح بالإقبال أكثر على هذا النوع من التجارة, يؤكد محمدي.
وبخصوص مدى تنفيذ إجراءات إلزام المتعاملين بتحديد اسم النطاق, قال السيد محمدي أن القطاع مازال حاليا في “مرحلة التحسيس والمراقبة المستمرة لقائمة المتعاملين”, داعيا التجار المستعملين للسياق الالكتروني باستكمال إجراءاتهم الادارية اللازمة التي تسمح لهم بالتحول من الصفة الموازية للنشاط الى الصفة القانونية, لتفادي العقوبات المحددة في القانون.
ويرى السيد محمدي أن التجارة الالكترونية تعرف “إقبالا واسعا” من طرف المستهلكين, مشيرا الى أن القانون 18-05 يضمن لهم الحماية القانونية في حال تعرضهم للغش.
و أوضح أن “الطلب الالكتروني يتضمن عقدا الكترونيا تلقائيا بين التاجر والمستهلك, ويتضمن أيضا الفواتير التي يمكن أن يستفيد منها المستهلك, وعلى البائع تحديد كيفية التسديد ونوعية البضاعة ونوع العقد”.
تعميم الدفع الإلكتروني شرط لنجاح التجارة الإلكترونية
ومن حيث توفير الوسائل اللازمة لنجاح التجارة الالكترونية, قال السيد محمدي أن الدفع الالكتروني يسهل المعاملات التجارية ويقلص من تداول العملة النقدية, مما قد يوفر سيولة أكثر لدى المؤسسات المالية من جهة, ويوفر ضمانات للمستهلكين من جهة أخرى.
وعلى هذا الأساس, قامت مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات بمراسلة المتعاملين العموميين والخواص لحثهم على استعمال محطات الدفع الالكتروني (TPE) من خلال استهداف بعض الأنشطة, خاصة المساحات التجارية الكبرى والمطاعم والمهن الحرة والصيدلة, إلى جانب تحسيس التجار بوجوب التقليص من استعمال النقد في المعاملات التجارية.
وذكر بأن قانون المالية ل2018 أدرج “إلزامية توفر المتعاملين الاقتصاديين على وسائل الدفع الالكتروني بغية تمكين المستهلكين من استعمال بطاقات الدفع الالكتروني”.
وحسب الإحصائيات الصادرة عن هيئة تجمع النقد الآلي, التي تحصلت “واج” على نسخة منها, فقد تم تسجيل في مجال الدفع عبر محطات الدفع الالكتروني (نهايات الدفع الالكتروني) 37254 محطة دفع عاملة الى غاية فيفري الماضي.
وبخصوص معاملات الدفع, تم تسجيل 202.992 معاملة بقيمة مالية فاقت 6ر1 مليار دج شهر يناير و تقريبا نفس الحصيلة سجلت خلال فيفري.
ويحوز قطاع الاتصالات على الحصة الأكبر من عملية الدفع عبر الانترنت يليه قطاع النقل والتأمينات ثم الكهرباء والماء والخدمات الإدارية، لتأتي عملية بيع البضائع في آخر الترتيب.
وأج