اختلفت آراء خبراء القانون الدستوري حول كيف تسيير الانتقالية في الجزائر بعد استقالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من منصبه وإعلان المجلس الدستوري حالة شغور منصب الرئيس، بين من يرى أن الحل فيما اعتمده المجلس الدستوري، وبين من يرى أن الحل يجب أن يكون سياسيا بعيدا عن المادة 102 من الدستور.
وفي هذا السياق قالت الخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو، أمس، بأنه بعد إيداع استقالة بوتفليقة على مستوى أمانة المجلس الدستوري، وإعلان هذا الأخير حالة شغور عن طريق إثبات الحالة وإخطار البرلمان الذي يستدعيه رئيس مجلس الأمة لاجتماع يتم خلاله رسميا إعلان حالة الشغور وتكليف رئيس مجلس الأمة بتسيير المرحلة الانتقالية لمدة 90 يوما، لا يملك فيها –أي رئيس مجلس الأمة- أية صلاحيات ماعدا ما تعلق منها بتسيير المرحلة، حيث يمنع من تعديل الدستور أو تغيير الحكومة أو إجراء أي استفتاء.
وفي حال رفض رئيس مجلس الأمة تولي المرحلة الانتقالية، قالت بن عبو بأن رئيس المجلس الدستوري هو من يتكفل بالنيابة تسيير المرحلة، أما في حالة استقالة بن صالح بعد اجتماع البرلمان فيتم تنظيم اجتماع للجنة التنسيق على مستوى مجلس الأمة يجمع العضو الأكبر سنا بعضوي مجلس الأمة الأصغر سنا للترتيب لانتخاب عضو من نفس المجلس بدل من عبد القادر بن صالح على أن يترشّح الـ144 عضو للانتخابات ليتم تكليف العضو الذي يحوز على الأغلبية المطلقة بمهام الترتيب للمرحلة الانتقالية.
وفيما يتعلق بمطالب الشعب بتغيير حكومة بدوي التي يعتبرها سلسلة من النظام الفاسد الذي فقد شرعيته لدى الشعب، ترى بن عبو بأنه لا توجد أية آليات قانونية تسمع بتغيير الحكومة على اعتبار أن الرئيس هو وحده من يملك هذه الصلاحية.
من جانبه قال أستاذ القانون بجامعة الوادي بوغزالة محمد ناصر في تصريح ل”الجزائر”، أن تقديم الرئيس بوتفليقة استقالته أول أمس، لا جدوى منها، لأنه كان من المفروض أن تنتهي عهدته منذ فترة، بإعلان حالته المرضية كمانع لأداء مهامه كرئيس، واعتبر أن هذه الاستقالة ستعطي الفرصة أمام رئيس مجلس الأمة لتسيير أمور البلاد لمدة أقصاها 90 يوما، و قال أن القرارات التي اتخذها بوتفليقة مؤخرا “باطلة” لأنها لم تصدر عن الرئيس بل حاشيته باعتباره فاقدا للأهلية بسبب وضعه الصحي.
من جانبه، قال الأستاذ في القانون الدستوري طهر الدين عماري في تصريح ل”الجزائر”، انه من الناحية الدستورية إذا قدم الرئيس الاستقالة فسيتم تطبيق المادة 102 من الدستور، و سيقوم رئيس مجلس الأمة بتسيير المرحلة القادمة إلى غاية تنظيم انتخابات رئاسية في مدة أقصاها 90 يوما، غير انه قال أن الإشكال المطروح حاليا ان في رسالة استقالة الرئيس لم يذكر عبارة “استقالة” إنما “إنهاء عهدة”، وهذا ما يجعل التعامل مع المادة 102 في هذه الحالة غير ممكن، وهو ما يدفع حسبه إلى البحث عن حل آخر خارج ما هو منصوص عليه في المادة 102، وهو ما يعكس حسبه ما جاء في تصريحات رئيس أركان الجيش الفريق قايد احمد صالح في إيجاد حل توافقي أي يعتمد على المادة 7 و8، أي حل سياسي .
من جانبه قال الحقوقي مقران آيت العربي في منشور له على صفحته الرسمية في الفايسبوك تعليقا على الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد، بأن استقالة الرئيس، ولو كانت بداية النهاية لمجموعة، فهي “ليست نهاية النظام الفاسد”. مشدّدا على أن “رؤوس الفساد لا يوجدون في رئاسة الجمهورية فحسب، بل تمتد إلى جميع القطاعات بما فيها قيادات أحزاب الموالاة”.
وطالب مقران آيت العربي في منشور حاد اللّهجة موجّه إلى النيابة العامة، بمتابعة الجميع وعدم الاكتفاء برجال الأعمال، مطالبا بتوسيع دائرة التحقيق لتشمل “رؤساء الفساد المعروفين من رؤساء الحكومات ووزراء وولاة وقيادات أحزاب الموالاة والقضاء ومصالح الأمن والجمارك وكبار موظفي الدولة… ليرى الجميع أن هناك إرادة سياسية لبناء الجزائر الجديدة”.
ويؤكد مقران ايت العربي في ذات المنشور، بأن محاربة الفساد لا بد أن تمر حتما على متابعة الرؤوس بدون أي استثناء. وهذا يستدعي حسبه رفع الحصانة عن المفسدين، وخاصة الذين اشتروا المقاعد من مسؤولين ورؤساء الأحزاب بمبالغ ضخمة، قصد الحصول على الحصانة النيابية والإفلات من العقاب، وخاصة الذين تم تعيينهم في إطار الثلث الرئاسي بسعي من رؤساء الفساد.
وأضاف ايت العربي “إن محاربة الفساد على المستوى العالي، لا يتم بالخطب السياسية، ولكن بوجود إرادة واضحة في تطبيق القانون على الجميع، ولن يتم ذلك إلا عن طريق استقلال القضاء”.
رزيقة.خ