سنة 1993 يتم اكتشاف من طرف باحث انجليزي. كان له ردود فعل قوية بين عدد من المسرحيين العرب بين التصديق والتكذيب وتسميات أخري. لسنا في حاجة إلي إعادة ذكرها هنا.
الباحث والانجليزي فيليب سادغروف اكتشف نصا مسرحيا عربيا مطبوعا طباعة حجرية ونشر سنة1847 النص لكاتب جزائري المولد وعربي اللسان ونصه كتب بلغة عربية فيها مزيج بين الفصحى واللهجة المحلية لمنطقة العاصمة الجزائرية .عنوان النص هو( نزهة المشتاق وغصة العشاق في مدينة ترياق في العراق).
كاتب النص اسمه ابراهيم دانينوس من مواليد سنة 1797 وتوفي سنة1872 ولكنه يهودي الديانة هكذا تقول معلومات سيرته .الذين رحبوا بالاكتشاف رأوا في ذلك ضرورة إعادة النظر فيما كتب ب تحت عنوان تاريخ المسرح في الوطن العربي والذين رفضوا ذلك قالوا بان منطقة المغرب العربي وتريد سحب البساط من تحت أقدام مارون النقاش الذي قدم في بيروت عرض مسرحي في نفس السنة بعنوان( البخيل) هل حقا العملية يقصد منها ذلك. شخصيا أري غير ذلك إنما هو تصحيح لخطأ وقعنا وفيه منذ قدم مارون عرضه ونسب الريادة في هذا المجال لنفسه ليؤكدها شقيقه الذي نشر سنة1863 نصا وإعادة تأكيد الريادة لمارون في هذا المجال .وإذا سلمنا بذلك فأين نصنف جهد دانينوس. وهل كونه يدين باليهودية رغم كونه جزائري ينفي عنه ذلك .أسئلة تحتاج إلي إجابة.
إن ما فعله مارون النقاش هو اخذ نص موليير ونقله إلي اللغة العربية أو اللهجة اللبنانية وعرضه أمام الجمهور وفرق ببن الكتابة وتقديم عرض .دانينوس كتب ونشر ومارون اختلس وعرض .أقول اختلس لان اغلب ما قدم في الوطن العربي تحت تسمية اقتباس هو اختلاس بين ولنأخذ أو يأخذ من شاء النص الذي قدمه مارون النقاش ومعه نص موليير ويقارن بينهما ليقف بنفسه علي الأمر.
إنني شخصيا اسمي هذه العملية اختلاس أو(اختقباس) وهذه الكلمة هي نتيجة زواج بين اقتباس واختلاس.
وحدث ذات سنة أظن سنة 2009 أن شاركت في الأردن في ندوة حول المسرح الأفاق والمستقبل علي هامش اجتماع الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب العرب وفي جامعة الأردن سبق أن طرحت القضية . وقد أثار طرحي لها ثائرة احد الإخوة من الوفد المصري أظنه كان رئيس معهد الفنون الدرامية واتهمني بالشوفينية التي أنا بريء منها براءة الذئب من دم يوسف. ويبدو أن الأمر مازال يثير حساسية البعض إذ وصل الأمر إلى إقامة محكمة تحكيم في الأمر تبنتها الهيئة العربية للمسرح وعقدت جلستها الأولي أظن في الإمارات ودورتها الثانية في الجزائر خلال مهرجان المسرح العربي .ولم تتوصل إلي إصدار حكم نهائي في الأمر وبقية القضية معلقة بين من يري ضرورة تصحيح المسار وبين من يرفض ذلك متحججا كون دانينوس يهودي الديانة .ولو أخذنا بهذا الراية الأخير فانه علينا أن نمسح الكثير من أسماء العلماء الذين نعتز بهم ونفاخر بهم الأمم لمجرد أنهم من الموالي وليسوا عرب واغلب من نعتز ونفتخر بهم ليسوا من أصول عربية.. أما إشكالية الاختقباس في الحركة المسرحية في البلاد العربية ورغم كشفنا النقاب علي بعضها فقد نعود إليها مرة أخري وبالأدلة.
إن عودتي إلي قضية النقاش ودانينوس هي عودة من اجل القول وفي مثل هذه الإشكالية ألا يقول الباحثون والقانونيون بما أن أصبح فيه محكمة من الأكاديميين إلا يقال بان الوثيقة سيدة وان البحث الأكاديمي لا يعترف سوى بالوثيقة وبما هو مطبوع ومنشور في حالة الاستشهاد به وما دونه لا يعترف به.. إذن في هذه الحالة من هو علي حق دانينوس الذي كتب وطبع ونشر نصه أم النقاش الذي استولي علي نص غيره وقدمه عرضا ولم يطبعه ولا نشره .وهل من حق النقاش أن ينسب الريادة لنفسه لماذا لم يترك غيره يقول ذلك.
صراحة إننا في حاجة إلى إعادة النظر في الكثير من الأمور سواء في الحركة المسرحية أو غيرها من صنوف الكتابة الإبداعية، إنما للأسف حالة البحث في الوطن العربي تعرف كسلا ضف إلى ذلك أن الوثائق اغلبها يوجد في مكتبات غربية استولوا عليها أيام الاحتلال لبلداننا وهم الآن لا يمكن الباحث العربي إلا مما يرون انه يخدمهم ولا يضرهم ويوفرون الباقي لخدمة الباحثين من دولهم لا لشيء سوي لنبقي تابعين لهم حتى فيما يخص ثقافتنا وتراثنا وحثي حياتنا الاجتماعية.
علاوة وهبي جروة