تم ترسيم سليم لعباطشة أمس كأمين عام للنقابية المركزية، بعد أن زكاه أول أمس الجمعة 863 مندوبا، فيما اعترض مندوبين اثنين، و امتنع مندوب واحد عن التصويت، خلال المؤتمر13 للإتحاد العام للعمال الجزائريين المنعقد في المركز الدولي للمؤتمرات بالعاصمة.
وقال أمس أمام الحاضرين “إن المرحلة التي تمر بها الجزائر تجعلنا نقف وقفة لتصحيح الأخطاء واستدراك النقائص ” ووعد عقب تزكيته كأمين عام للمركزية النقابية، “بفتح باب الشجاعة، الذي سيكون منطلقا للخطابات والتوجهات، وجعل أولى الخطوات، إلقاء الاتحاد إلى القواعد حتى تحتضنه” .
وأضاف “أن الانحرافات التي يتهمهما بهم خصوم “الأوجيتيا” حقيقة ثابتة، مؤكدا على العودة للدور النقابي الحقيقي، والدفاع عن المؤسسات العمومية ومصالح العمال، وتحسين أحوالهم “.
العودة من الباب الواسع
يقف على رأس المركزية النقابية منذ أول أمس سليم لعباطشة الأمين الوطني لعمال الصناعات التحويلية والنائب البرلماني عن حزب العمال، أمينا عاما للمركزية النقابية بعد انسحاب كل المرشحين.
وحل لعباطشة محل عبد المجيد سيدي السعيد بعد انتخابه بالتزكية أول أمس أميناً عاماً جديداً لها لولاية تمتد على 5 سنوات خلال أشغال المؤتمر الـ13 للمركزية النقابية (…) التي شهدت مشاركة أكثر من 500 مندوب يمثلون هياكل الاتحاد عبر الولايات.
وذلك بعد أن أمضى عبد المجيد سيد السعيد المقرّب من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، 22 عاماً على رأس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وهو أكبر تكتل للنقابات في البلاد الذي جرى تحويله من الدفاع عن حقوق العمال إلى موالاة السلطة والدفاع عن حق بوتفليقة في عهدة خامسة.
فقد كان سيدي السعيد قريبا من السلطة أكثر من العمال، وحلت خلال 22 سنة الأخيرة المئات من المؤسسات العمومية، من طرف الوزير الأول الأسبق، أحمد أويحيى، الموجود بسجن الحراش، وتسريح مئات الآلاف من العمال دون أن تحرك المركزية النقابية ساكنا.
ودخل لعباطشة في خلاف مع سيدي السعيد والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون التي كانت قد طردته من حزب العمال سنة 2016 لكنه استطاع أن يسترجع عضويته بقرار من وزارة الداخلية.
وقاد لعباطشة حركة تصحيحية ضد لويزة حنون أسماها “لجنة إنقاذ حزب العمال”وحاول جاهدا عقد دورة استثنائية من أجل سحب البساط من تحت أقدام الأمينة العامة الموجودة حاليا في سجن البليدة غرب العاصمة.
وكثيرا ما نشبت بينه وبين نواب لويزة حنون مناوشات بالأيدي داخل قبة البرلمان مثلما حدث مع النائب تعزيبت سنة 2016.
واتهم خلالها رمضان تعزيبت النائب المنشق سليم لعباطشة بتلقيه رشوة من قبل بعض الأطراف رفض ذكرهم بالاسم من أجل زعزعة بيت لويزة حنون، وزرع الفتنة بين المناضلين.
وتنتظر الأمين العام الجديد للمركزية النقابية الجديد الكثير من التحديات التي تنتظر الحسم فيها ، وفي مقدمتها إعادة الثقة في المركزية النقابية كصرح نقابي يرتبط بحقبة هامة من تاريخ الجزائر المستعمرة، وبعث الروح في العديد من الفدراليات التي تم تجميدها سابقا .
وسيجد الأمين العام الحالي نفسه مجبرا على تصفية الأجواء وغربلة كثير من القضايا العالقة، وتشبيب الصفوف الأولى والدفع بالمناضلين الحقيقيين للواجهة، والاستغناء عن الوجوه القديمة التي استفادت من المركزية النقابية وسارت بها نحو المجهول.
ويتساءل مراقبون عن دور لعباطشة كممثل للعمال على رأس تنظيم نقابي تاريخي في الجزائر، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تنتظر البلاد.
وهي مصاعب ستنعكس على العمال والاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي يرتبط بعقد اجتماعي واقتصادي مع الحكومة وأرباب العمل في البلاد فأولئك الذين وقعوا العقد كثيرون منهم يقبعون في السجن اليوم.
و صار الحديث عن لقاء الثلاثية الذي يجمع نقابة العمال بالحكومة وأرباب العمل من الماضي. ويجهل لحد الساعة كيف سيقود لعباطشة الاتحاد العام للعمال الجزائريين في ظل هذه الظروف العصيبة ،خاصة بعد زوال الأطر والأجواء التي اشتغل في ظلها سابقه سيدي السعيد.
فهل سيحافظ لعباطشة على العقد الموروث أم سيطالب بإعادة النظر،وكيف سيتعامل مع إمكانية تسريح بالجملة للعمال وإحالة عدد كبير على البطالة، وكيف سيهدئ الجبهات الغاضبة في الاتحاد التي عانت من سياسة سابقه سيدي السعيد، الذي كان يهادن الغاضبين في سبيل إرضاء السلطة، متحججا أن الحوار هو السبيل الوحيد لإيجاد مخرج.
ويتساءل مراقبون ما إذا كان لعباطشة سيسير وفق نفس المنهاج أم أنه سيضطر إلى التغيير تحت ضغط النقابات والمناضلين والعمال الغاضبين.
ويثير متابعون بكثير من الاهتمام مصير عديد من القضايا والفضائح والملفات التي ينتظر أن تخرج إلى العلن بعد ذهاب سيدي السعيد الذي يصفه البعض بوجه الفساد الأكبر، خاصة منها ملف أموال الخدمات الاجتماعية، التي حرم منها مستحقوها العمال، وهو الملف الموجود في التحقيق، وينتظر أن يطيح بالكثير من الرؤوس، وعلى رأسهم سيدي السعيد ذاته، باعتباره المسؤول الأول عنها ،إضافة إلى قضية الخليفة، التي تقرر إعادة فتحها ،وكثير من قضايا النهب واستغلال المال العام .
رفيقة معريش