ساهمت الإصلاحات التي باشرتها الجزائر في السنوات القليلة الماضية، في مختلف القطاعات، إلى خلق ديناميكية اقتصادية، سمحت بالشروع في الاستغلال الحقيقي لإمكانات البلاد، ووضع البلد في المسار الصحيح لمشروع التحول الاقتصادي وتنويعه واستدامته.
ويؤكد خبراء اقتصاد أن هذه الإصلاحات التي أطلقتها الجزائر في كل المجالات، من خلال سن قوانين وتشريعات، نتجت عنها حركية، وأبانت عن القدرات الحقيقية، وأعطت مؤشرات لمستقبل إيجابي بالنسبة للاقتصاد الوطني وهذا ما أكدته المعطيات، والتقارير.
هوارس تغرسي: “الإصلاحات الوطنية أنتجت حركية ومؤشرات ايجابية للاقتصاد”
وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي هواري تغرسي، إن الإصلاحات الوطنية التي قامت بها الجزائر في السنوات القليلة الماضية لاستغلال الإمكانات الوطنية، وما نتج عنها من حركية في العديد من القطاعات، أعطت مؤشرات إيجابية لمستقبل الاقتصاد الوطني على المدى القريب والمتوسط.
وأضاف تغرسي في تصريح لـ”الجزائر”، أن العديد من القطاعات شهدت دينامكية، سواء قطاع الطاقة الكلاسيكية-غاز ونفط- حيث تم تسجيل زيادة في الاستكشافات وفي الصادرات خاصة الموارد الغازية، فالجزائر أبانت عن إمكانيات طاقوية-غازية- كبيرة، منها استكشافات واستثمارات كبيرة في هذا المجال، وولوج شركات كبرى عالمية في هذه الاستثمارات في الجزائر.
كما أشار تغرسي إلى الإمكانيات التي أبان عنها قطاع الفلاحة في السنوات الأخيرة، حيث سجل ارتفاعا في الإنتاج، وهو ما تعول عليه السلطات العمومية لرفع الصادرات المتأتية من الإنتاج الفلاحي -يقول- وولوج المزيد من الأسواق الخارجية، إضافة إلى استغلال هذا الإنتاج الفلاحي في تطوير الصناعات التحويلية الغذائية، حيث تعول عليها الدولة لرفع الصادرات خارج المحروقات.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن الجزائر من خلال مباشرتها إصلاحات في القوانين والتشريعات، وآخرها قانون الاستثمار، والامتيازات الممنوحة والخطة الممنهجة ضمن نموذج اقتصادي خارج قطاع المحروقات، بدأت فعليا في استغلال كل مختلف الإمكانيات، من خلال إستراتيجية واضحة، تؤكدها رغبة كبيرة في المزيد من التطوير لمختلف القطاعات، منها قطاع المناجم الذي يعتبر ثروة رائدة من خلال الاكتشافات الخاصة بعدد معتبر من المواد المنجمية، والتي بدورها -يضيف تغرسي- ستساهم بشكل كبير في تطوير الصناعة نصف المصنعة والصناعات التحويلية، هذه الأخيرة التي سوف تقدم حلولا بالنسبة للإنتاج الوطني، وبالنسبة لتخفيض فاتورة الاستيراد، إضافة إلى زيادة الإنتاج والتصدير في مراحل قادمة.
ويرى تغرسي، أنه من خلال تفعيل الإصلاحات السابقة وتنفيذ المراسيم التنفيذية، وإدخال إصلاحات جديدة في المستقبل، سيما منها قانون البلدية الذي اعتبره غاية في الأهمية لما سيكون له من أثر كبير في المنظومة الاقتصادية، من خلال استغلال الإمكانيات المحلية وتشجيع الاستثمار المحلي، وتوفير مناخ جذاب لجذب الشركات الوطنية وتذليل العقبات بالنسبة للمستثمرين، يمكن بلوغ الأهداف المسطر لها فيما يتعلق بتحقيق نسبة نمو اقتصادي إيجابي، وضمان نظرة مستقبلية ايجابية للجزائر، مثلما يتوقعه الكثير من المختصين ومن المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي الذي أشار في تقريره الأخير إلى المؤشرات الإيجابية للاقتصاد الوطني.
عبد الرحمان هادف: “الجزائر أكدت من خلال الإصلاحات التي باشرتها أنها ضمن المسار الصحيح للتحول الاقتصادي”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، إن الجزائر ومن خلال الإصلاحات التي باشرتها في العديد من المجالات، أكدت أنها ضمن المسار الصحيح فيما يتعلق بمشروع التحول الاقتصادي، من خلال تنويع واستدامة الاقتصاد.
وأوضح هادف في تصريح لـ”الجزائر”، أن تقرير صندوق النقد الدولي هو اعتراف أن الجزائر ماضية في الطريق الصحيح نحو مسعى تحقيق تنويع وتطوير في الاقتصاد، وأشار إلى أن المؤشرات التي تحدث عنها صندوق النقد الدولي، منها نسبة النمو في 2023 بـ 4.2 بالمائة تعزز هذا التوجه.
وأضاف أن الجزائر اليوم من بين الاستثناءات في العالم التي حققت هذه النسبة، إذ أن نسبة النمو العالمي لم تتعد 2 بالمائة، وبالتالي فهذا الرقم الخاص بالجزائر إيجابي، وكان نتيجة الإصلاحات التي باشرتها الجزائر.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن صندوق النقد الدولي، أعد تقريره بناء على الاتفاقية التي تربطه بالجزائر في إطار المادة 4 منها، وكانت له بعثة قامت بإحصاء كل المعلومات الاقتصادية والاجتماعية وخلصت لهذا التقرير الذي ضم هذه المؤشرات الايجابية.
وأوضح أن المؤشرات الأخرى للصندوق والمتعلقة بالسنوات القادمة، تشير إلى أن هذا التوجه سيتواصل في السنة الجارية التي توقع خلالها نسبة نمو 3.8 بالمائة، والأمر ذاته بالنسبة لـ 2025، وهذا بفضل القطاعات التي أصبحت تشهد ديناميكية، ومنها قطاع المحروقات، وقطاع الصناعة الذي أصبح له دور مهم للغاية -يضيف هادف- حيث سيرتفع معدل نموه إلى ما فوق 8 بالمائة في السنوات القادمة، والأمر ذاته بالنسبة لقطاع الخدمات -يقول هداف- مع دخول العديد من الاستثمارات، سيما بالنظر للدور الذي تقوم به مؤسسات الاتصالات فيما يتعلق بالرقمنة والتحول الرقمي.
وأكد هادف أيضا على التطور الذي يشهده القطاع الفلاحي، والذي سجل مؤشرات لا باس بها، وعرف ديناميكية، خاصة مع الذهاب إلى استغلال الأراضي على مستوى الهضاب العليا والجنوب الكبير، التي سترفع من معدل النمو في هذا القطاع أكثر فأكثر، وبالتالي في القطاع الاقتصادي بصفة عامة.
واعتبر هادف أن الديناميكية التي تعرفها معظم القطاعات ستدفع بالاقتصاد الوطني لتحقيق المزيد من التطور والتنوع والنمو والرفع من القدرات الإنتاجية، وهي ما اعتمدت عليه تقارير وتوقعات المنحنى الإيجابي للاقتصاد الوطني.
للتذكير، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا قال فيه، إن النظرة المستقبلية للاقتصاد الجزائري، إيجابية في الأجل القريب بشكل عام، وتوقع أن يظل النمو قويا في السنة الجارية 2024.
وأضاف صندوق النقد الدولي في بيان له، صدر في 29 مارس الماضي، أن التقديرات تشير إلى نمو الاقتصاد الجزائري 4.2 بالمائة في عام 2023، بفضل انتعاش إنتاج الهيدروكربونات والأداء القوي في قطاعات الصناعة والبناء والخدمات.
وقال صندوق النقد الدولي، إنه من المتوقع أن يظل النمو الحقيقي للجزائر قوياً في عام 2024، عند 3.8 بالمائة، مدعوماً بأسباب منها الإنفاق المالي الكبير.
وذكر الصندوق أن الآفاق الاقتصادية متوسطة الأجل للجزائر تتوقف على الجهود الرامية لتنويع الاقتصاد والقدرة على جذب الاستثمار الخاص.
و قال إن الإصلاحات البنيوية المستدامة والجريئة والعميقة والجهود الحازمة لتنويع الاقتصاد، وتحسين مناخ الأعمال، وجذب الاستثمار، والاستفادة من أسواق التصدير الجديدة،من الممكن أن تعمل على تحفيز النمو وخلق فرص العمل.
غير أن صندوق النقد الدولي أشار إلى التضخم، و اعتبره لا يزال “مقلق”، كما اعتبر أن التقلب في أسعار النفط والغاز الدولية، والمخاطر المالية الناجمة عن الالتزامات الطارئة، والاحتياجات المالية الكبيرة في الموازنة، والأحداث المناخية المتطرفة، قد تؤثر على الاقتصاد والموازنة.
رزيقة. خ