الأحد , أبريل 28 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحدث / الذاكرة معادلة صعبة للبلدين:
الرئيس ماكرون في مواجهة مواقفه حول الاستعمار

الذاكرة معادلة صعبة للبلدين:
الرئيس ماكرون في مواجهة مواقفه حول الاستعمار

بدأت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بداية الشهر المقبل، إلى الجزائر تسيل الكثير من الحبر هنا في الجزائر وفي فرنسا أيضا، ومن المواضيع الخلافية التي ينتظر أن يتطرق إليها الرئيس الشاب خلال أول موعد له في الجزائر قضية موقفه الحاد من الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وماذا سيقدم عليه ماكرون أكثر مما قاله خلال الحملة الانتخابية عندما كان مترشحا للرئاسة الفرنسية.
نتذكر ما كتبته صحيفة ” لوبوان ” الفرنسية بعد تقديمها قراءة للزيارة التي أداها إيمانويل ماكرون شهر فيفري الفارط، إلى الجزائر، كمترشح حر حيث رأت الصحيفة أن ماكرون جاء إلى الجزائر ” كرئيس لبلاده، وقد لاحظ الجميع الحفاوة التي استقبله فيها المسؤولون الجزائريون، من السجاد الأحمر إلى الغداء مع رئيس الهيئة العليا للمؤسسات، علي حداد، وصولا إلى العشاء مع رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال “، وحينها أسمع ماكرون السلطات الجزائرية كلاما جميلا لم يسبق لمسؤول سياسي فرنسي أن قاله بخصوص قضايا الذاكرة والاستعمار الفرنسي الذي دام 132 سنة في الجزائر عاث فيها الجيش الإستعماري إجراما وفتكا بالجزائريين ولم تتجه فرنسا الدولة والجزائر الرسمية إلى الذهاب نحو خفض من حدة التوتر التاريخي الذي يربط البلدين بالنظر إلى رفض الجانب الفرنسي الاعتراف بجرائم دولته في الجزائر وتقديم تعويضات لملايين الضحايا الذين سقطوا خلال ثورة التحرير، في حين أن الجزائر الرسمية لم تتجه بخطوات ضاغطة اتجاه الجانب الفرنسي بخصوص ” الاعتراف ” أو حتى كأقل الأضرار ” تجريم الاستعمار ” بالرغم من أن هناك إرادة لدى الأسرة الثورية والأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها للتوجه نحو هذه الخطوة المحرجة بالنسبة للسلطات الفرنسية، لكن موقف السلطة يبقى هو الحازم في مثل هذه القضايا.
وكان إيمانويل ماكرون قد صرح بجرأة سياسية في مقابلة إعلامية في الجزائر، أن الاستعمار الفرنسي ” ريمة ضد الإنسانية “، ووصفه بـ” البربرية الحقيقية “، وقال ماكرون في هذا الاتجاه “علينا أن ننظر إلى ماضينا بعين مشتركة ونعترف بأن جرائم وتعذيبا وبربرية رافقت الوجود الفرنسي في الجزائر، وفي الوقت عينه لا أريد أن نحس بذنب من دون العودة لبناء ما هدمناه بأيدينا “، وفي رده على سؤال حول ما قاله منذ مدة عن الجانب الإيجابي للاستعمار، فند ماكرون ذلك قائلا ” الأمر موجود عبر التاريخ، ولا يمكن إسقاط تجارب استعمارية على أخرى “، ولكن البعض يلوم ماكرون كلامه هذا عن الاستعمار الفرنسي بالقول أنه قاله كمترشح أي في سياق حملة انتخابية لربح أصوات الفرنسيين من أصول جزائرية الذين يتجاوز عددهم مليون ناخب، وبالتالي فإن موقفه كمترشح لا يلزمه كرئيس جمهورية ملتزم أمام 80 مليون فرنسي من بينهم أصوات سياسية عديدة معادية لاستقلال الجزائر أو ما تعرف بأصحاب ” الحنين إلى الاستعمار ” ومن بينها أحزاب سياسية منافسة له إضافة إلى أنها تحمل تأثير داخل المشهد السياسي، وتبحث على أي خطأ يأتي من ماكرون ويدينه حتى تؤلب عليه الرأي العام الداخلي وتطيح به في أول مواجهة.

الأرشيف والجماجم وضحايا التجارب النووية..
ومن الملفات العالقة على مستوى موضوع الذاكرة بين الجزائر وفرنسا يبقى ملف الأرشيف الجزائري الموجود عند الفرنسيين كملف عالق بالنظر إلى تعنت الجانب الفرنسي الذي يرفض تقديمه بصفة نهائية، وكذلك قضية جماجم رجال المقاومة الجزائريين المتواجدين في متحف الإنسان بباريس حيث برز على السطح بقوة في الآونة الأخيرة ومن المنتظر أن تطالب السلطات رسميا باسترجاع تلك الجماجم، في وقت يبقى ملف تعويض تجارب النووية الفرنسية يراوح مكانه، في وقت لا تزال منظمة المجاهدين تطالب السلطات الفرنسية بـ ” الإعتراف الرسمي بالجرائم التي اقترفها الإستعمار الفرنسي في الجزائر وتعويض الحكومة الجزائرية على ذلك “.

أستاذ التاريخ بجامعة وهران رابح لونيسي لـ “الجزائر”:
“زيارة ماكرون لتعزيز المصالح الاقتصادية وليس للذاكرة”
يعتقد الدكتور رابح لونيسي أستاذ التاريخ بجامعة وهران أن الرئيس الفرنسي ماكرون ” لا يهمه العامل التاريخي في كل تعاملاته مع الجزائر “، ويعود ذلك لعدة أسباب حسب تصريح الأستاذ لونيسي لـ ” الجزائر “، ومنها ” أنه من جيل الشباب الذي لم تكن له أي علاقة بالماضي الاستعماري عكس الرؤساء السابقين، ولهذا السبب عندما قال كلامه في الجزائر قبل أن يصبح رئيسا، لم يكن يدرك ويعي مدى تأثير لوبيات الأقدام السوداء في فرنسا، خاصة في جنوبها، ولهذا تعرض لحملة شرسة آنذاك لم يضعها في حسابه، ولهذا دخل تحت هذا الضغط الذي مورس عليه من قبل في إطار السياسة الفرنسية تجاه ماضيها الإستعماري، وهو عدم الاعتراف بجرائمها، لأن ذلك يمس إيديولوجيتها بحكم أن الفرنسيين يرون أنفسهم هم مصدر لحقوق الإنسان بحكم أن الثورة الفرنسية هي التي أصدرت ميثاق الحريات وحقوق الإنسان في 1792 “.
واعتبر الدكتور لونيسي أن ما يهم الرئيس ماكرون خلال زيارته المرتقبة إلى الجزائر مطلع الشهر المقبل هي ” المصالح الاقتصادية التي سيحققها من خلال علاقته بالجزائر، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة اقتصادية خانقة ناتجة من أزمة دورية للرأسمالية العالمية، ونلاحظ إفلاس الكثير من شركاتها، وتسعى فرنسا دائما لإنقاذها باللجوء إلى بعض الدول مثل الجزائر لحل مشاكلها الاقتصادية خاصة الأسواق ومناطق الاستثمار “، مضيفا ” ولهذا نعتقد أنه سيركز على المجال الاقتصادي محاولا تجاوز أو ما يعتبرونه طي صفحة الماضي الإستعماري أو تأجيله إلى فترة أخرى مواتية، لكنه سيتجنب الوقوع وتكرار كلامه الذي قاله في السنة الماضية بعد ما أدرك التأثير السلبي لذلك على مساره بحكم تأثير هذه اللوبيات الاستعمارية التي أشرنا إليها سابقا “، مرجعا تغير موقف ماكرون كرئيس للجمهورية الفرنسية إلى “طبيعة الدولة الفرنسية بذاتها التي تعطي أهمية كبرى للمسائل الرمزية والثقافية والتاريخية على عكس دولة مثل أمريكا مثلا التي هي أكثر براغماتية في تعاملاتها، فهذه الطبيعة الفرنسية تقف حجر عثرة، وتصعب من مسألة مطالبتها بالاعتراف بجرائم ماضيها الاستعماري “.
إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super