تمكنت الجزائر بفضل السياسة الاقتصادية المنتهجة في السنوات الأخيرة، من تحقيق خطوات هامة في إطار خطتها المتعلقة بالتوغل في إفريقيا واكتساح أسواقها، من خلال فتح المجال واسعا أمام تسويق المنتجات الوطنية بهذه السوق الواعدة.
ويعتبر انضمام الجزائر لمبادرة التجارة الموجهة في إطار تجسيد اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية “زليكاف”، خطوة كبيرة نحو تحقيق الأهداف المسطرة من قبل الحكومة والمتعلقة برفع صادرات البلاد خارج المحروقات.
ويؤكد خبراء اقتصاد على أهمية انضمام الجزائر لمبادرة التجارة الموجهة دون قيود جمركية، بالنظر للامتيازات التي تمنحها والتي تمكن من تصدير المنتجات الوطنية لللدول الإفريقية، وتحقيق هدف تنويع الاقتصاد والرفع من قيمة الصادرات خارج المحروقات.
الخبير الاقتصادي أحمد شريفي:
“المبادرة تسمح للجزائر بالتوغل أكثر في السوق الإفريقية لتصريف منتجاتها”
وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي أحمد شريفي، إن الجزائر كغيرها من الدول لديها فائض في بعض المنتجات تسعى إلى تسويقها، ولديها عجز في بعض المنتجات تسعى لتوفيرها عن طريق استيرادها، وهي من الدول التي تسعى إلى تعظيم المنافع والمكاسب، ما دفعها للقيام بالدخول في تكتلات، ومنها منطقة التبادل الحر الإفريقية، ومنها إلى مبادرة التجارة الموجهة ضمن هذه الاتفاقية.
وأضاف شريفي، في تصريح لـ “الجزائر” أن إفريقيا تضم العديد من التكتلات سيما الاقتصادية منها، قد تفوق 5 تكتلات، لكن تبقى المبادلات بين الدول الإفريقية ضعيفة، وقد ضيعت عليها الكثير من الفرص والامتيازات كونها تصدر منتجاتها كمادة أولية خام ولا تستفيد منها استفادة كبيرة، غير أن اللجوء إلى تعظيم المبادلات بين الدول الإفريقية -يقول- سيساهم في تحقيق النمو الاقتصادي، وتحقيق التنمية الاقتصادية، إضافة إلى تحقيق السلم والاستقرار الأمني الذي يأتي بعد تعزيز هذه المبادلات وتعزيز المنافع الاجتماعية التي تتمثل في خلق مناصب شغل وتنمية ورفع مستوى المعيشة وتمكين هذه الدول من الاستغلال الأمثل لكل مقدراتها.
وأضاف شريفي أن الجزائر تسعى للتوغل والتوسع في إفريقيا، سواء لتصريف منتجاتها التي تمتلك فيها الكثير من المزايا، أو للاستفادة من السلع الموجودة في إفريقيا والتي تنخفض أسعارها مقارنة مما هي عليه في الدول الصناعية، سيما في ظل أزمة تراجع النمو الاقتصادي والتضخم والتغيرات الجيو سياسية والتوترات الدولية.
وأكد المتحدث ذاته أن انضمام الجزائر لمبادرة التجارة الموجهة معناه رفع القيود الجمركية، وتخفيف الإجراءات الإدارية، مع تسهيل عملية انتقال السلع، وتسمح بربط شبكة بين العديد من المؤسسات سواء كانت مالية –بنوك- وهذا يسمح للجزائر بتطوير مشروعها الخاص بإنشاء بنوك وطنية في الخارج، وقد شرعت في ذلك، وهذا يساعد على رفع عمليات التصدير والتبادل التجاري.
أستاذ الاقتصاد بجامعة أم البواقي البروفسور مراد كواشي:
“المبادرة ستسمح برفع حجم المبادلات بين الجزائر وشركائها الأفارقة”
من جانبه قال أستاذ الاقتصاد بجامعة أم البواقي البروفيسور مراد كواشي، إن مبادرة التجارة الموجهة التي سيتم بموجبها الشروع في عملية التبادل التجاري دون قيود جمركية في إطار منطقة التجارة الحرة الإفريقية.
وأضاف كواشي في حديث لـ “الجزائر”، أن هذا التوجه الجديد للجزائر سيساعدها على تحسين نوعية وحجم المبادلات التجارية بينها وبين شركائها في هذه المبادرة -بين المؤسسات التجارية والاقتصادية الجزائرية ونظرائها من الدول المنظمة للمبادرة- وستساهم في تكريس توجه الجزائر نحو بعدها الإفريقي.
ويرى الخبير الاقتصادي أن السوق الإفريقية واسعة وواعدة، وتضم أزيد من مليار و200 ألف نسمة، وانضمام الجزائر لمبادرة التجارة الموجهة سيدعم المنتجات الجزائرية، ويمكنها من المنافسة بقوة في هذه السوق، سواء من حيث التكلفة أو السعر أو الجودة.
هذا وكانت الجزائر قد أعلنت السبت الماضي انضمامها رسميا للمبادرة، حيث أكد وزير التجارة وترقية الصادرات، طيب زيتوني، أن انضمام الجزائر لمبادرة التجارة الموجهة بدون قيود جمركية يسمح للمتعاملين الاقتصاديين بالقيام بعمليات تبادل تجاري مع نظرائهم من الدول الشريكة في المبادرة بدون قيود جمركية، وفقا لاتفاقية “زليكاف“.
ودعا في هذا السياق المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين إلى الاستفادة من المزايا التي تمنح في إطار المبادلات التجارية مع الدول المنضمة إلى هذه المبادرة، من أجل تعزيز الصادرات الجزائرية خارج المحروقات وتجسيد أهداف اتفاقية “زليكاف” الرامية لرفع مستويات التبادل التجاري بين الدول الإفريقية بشكل “محسوس“.
ترحيب بانضمام الجزائر للمبادرة
من جانبه رحب الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية “زليكاف”، وامكيلي ميني، بانضمام الجزائر لمبادرة التجارة الموجهة دون قيود جمركية، كما ثمن خطوات الجزائر لتعزيز تواجدها التجاري بمختلف الدول الإفريقية.
وأشار ميني، في كلمته، أشغال منتدى مبادرة التجارة الموجهة لمنطقة “زليكاف”، بالجزائر السبت المنصرم، إلى جهود الجزائر ومختلف المبادرات التي قامت بها الحكومة بهدف الانفتاح على السوق الافريقية والتوسع التجاري بالقارة، ذكر بفتح خطوط نقل جوي وبحري جديدة تربط بين الجزائر وبلدان إفريقية، وكذا فتح عدة فروع لبنوك جزائرية ببلدان القارة، وهو ما يعكس، حسبه، “توسع تواجد القطاع البنكي الجزائري بالأسواق الإفريقية“.
كما أشاد المسؤول بالخطوات الكبيرة التي قطعتها الجزائر في المجال الصناعي، والتي من شأنها “خلق قيمة مضافة ونوعية للبلد ومضاعفة حجم التبادلات البينية مع دول القارة“.
شروط انضمام الدول لمبادرة “التجارة الموجهة”
تم إطلاق مبادرة التجارة الموجهة خلال الاجتماع الـ 10 لمجلس وزراء منطقة “زليكاف” المنعقد في 7 أكتوبر 2022 في العاصمة الغانية أكرا، حيث انخرط في هذه المبادرة، إلى غاية اليوم، كل الجزائر، تونس، مصر، كينيا، غانا، الكاميرون، رواندا وجزر موريس، إضافة إلى تنزانيا، في انتظار انخراط دول أخرى.
وتهدف هذه المبادرة إلى اختبار المحيط الإجرائي والمؤسساتي والقانوني لتنفيذ اتفاقية “زليكاف”، من خلال الشروع الفعلي للمبادلات التجارية وفق المزايا التفضيلية المقررة في الاتفاقية المؤسسة للمنطقة، بين الدول الأطراف التي استوفت شروط الحد الأدنى لبدء هذه المبادلات.
وتشدد أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية على ضرورة توفر 5 معايير لقبول انخراط البلدان في مبادرة “التجارة الموجهة” وتتمثل في إرسال العرض التعريفي الوقتي واختيار المؤسسات المصدرة والمنتجات التي سيتم تصديرها وإحداث لجنة فنية لمتابعة تجسيم هذه المبادرة والتنسيق مع اللجنة التي تم إحداثها للغرض بالأمانة العامة ثم نشر العرض التعريفي الوقتي بنص قانوني.
رزيقة. خ