من المقرر أن توقع الجزائر والصين “قريبا” على الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وذلك بعد أن توصلتا إلى توافق حول هذه الخطة، وهو المشروع الذي ينتظر منه الكثير سواء للجانب الجزائري أو الصيني. وبحسب خبراء سيفتح المشروع آفاقا واسعة للإقتصاد الوطني، وسيسمح للجزائر من الاستفادة من شبكات الطرقات والخطوط ضمن هذا المشروع في التبادلات التجارية وأن يكون هذا المشروع بوابة نحو إفريقيا.
أحمد سواهلية:
“يمكن للجزائر تحقيق ثروة حقيقية من خلال قطاع الخدمات”
وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية، أن “الجزائر في ظل بحثها المستمر لإيجاد شراكات متعددة ومتنوعة، تبحث في القطاعات الإنتاجية لاسيما الخدماتية والقطاعية منها والصناعة والفلاحة ليكون هناك تنوع اقتصادي حقيقي وخلق للثروة”.
في حين اعتبر سواهلية في حديثه مع “الجزائر” أن “هذا الأمر لا يتأتى إلا بجاهزية الاقتصاد الوطني واستعداد المتعاملين الاقتصاديين ومختلف هياكل الدولة لإنجاح هذا المسار عبر التحدي الكبير للجزائر بالذهاب إلى القطاعات المنتجة، خصوصا وأن الجزائر ما تمتلكه من مقومات طبيعية وبشرية وجيواستراتيجية كبيرة تجعل منها منطقة حيوية وتجارية مهمة جدا وهذا ما استوعبته السلطات العليا في البلاد من خلال خلق شراكات متعددة”.
وأضاف سواهلية عبر تحليله أن “الذهاب أو سرعة الاندماج في المشروع الصيني الذين تريد بيكين من خلاله إيصاله إلى إفريقيا، فالجزائر بتحالفاتها وعلاقاتها الوطيدة والقديمة مع الصين تريد أن توثق لتلك العلاقات بعلاقات تجارية مميزة بين البلدين، والجزائر تعلم أن الصين قوة اقتصادية ويجب تطوير العلاقات معها من سياسية إلى اقتصادية نافعة للبلدين”.
وتابع المتحدث بقوله إن “الصين تريد الوصول إلى الأسواق الإفريقية والجزائر يمكن أن تكون هي بداية لهذه الأسواق وبوابة حقيقية لخلق ثروة خدماتية تجارية للدخول للأسواق الإفريقية”.
ويرى سواهلية أن “الجزائر من خلال التبادلات التجارية الصينية يمكنها أن تجمع ثروة حقيقة من خلال الخدمات، وأوضح هنا أن الجزائر يمكن أن ترتكز على هذا الجانب –الخدمات- لتحقيق ثروة كونها لا يمكن الحديث كثيرا عن تبادلات تجارية مع الصين كونها قوة اقتصادية كبيرة والجزائر لا تمتلك بنية اقتصادية يمكن مقارنتها بالصين لكن يمكنها الاستفادة من هذه القوة الاقتصادية الصينية لتطوير اقتصادها من خلال الاستعانة بها لتنشيط مختلف الجانب الاقتصادية من القطاع الفلاحي أو المنجمي أو الخدماتي للوصول إلى الأسواق الإفريقية بأريحية”.
ويرى الخبير الاقتصادي ذاته أن “السباق اليوم نحو التحالف الجزائري-الصيني مهم جدا، باعتبار أن الجزائر بوابة لإفريقيا ولديها شراكات مع مختلف الدول من القارة وأيضا مع عدد من الدول الأخرى بآسيا وأوروبا، وموقع الجزائر مهم للجزائر وللصين ليخلق لها ثورة حقيقية مما يجعل تنويع الإنتاج من خلال هذه الشراكة جيد”، كما أكد أن مشروع “الحزام والطريق” يشكل مصلحة مشتركة للطرفين.
علي قابوسة:
“العلاقات السياسية المتينة سوف تترجم في علاقات اقتصادية أقوى عبر هذه المبادرة”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي ومدير مخبر الاقتصاد السياسي، علي قابوسة، أن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية والجالية، رمطان لعامرة إلى الصين هدفها بالدرجة الأولى اقتصادي والدليل على ذلك التوصل إلى توافق بين الطرفين الجزائري والصيني حول “الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق”، التي سيتم التوقيع عليها في أقرب فرصة، واعتبر أن “اندماج الجزائر في هذا المشروع سيفتح آفاقا واسعة على الاقتصاد الوطني لاسيما التجارة والإستثمار”.
ويرى الخبير الاقتصادي قابوسة لـ”الجزائر” أن “المشروع سيكون بديلا واعدا لإعادة رسم الجزائر ضمن خارطة الاقتصاد العالمي”، قائلا إن “الجزائر ستستفيد من هذه المشروع بناء على قوة العلاقات السياسية والجيدة والتاريخية التي تربطها بجمهورية الصين الشعبية، وهي العلاقات التي سوف تترجم أيضا بمزيد من التعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال مشروع الطريق عن طريق الاستفادة من شبكة الخطوط التي تصل الطريق.
وأوضح في هذا الشأن أن “الجزائر باعتبارها بلدا قارة لها مساحة وامتداد واسع، فسوف تستفيد من شبكة الطرقات والخطوط نحو العمق الإفريقي بالخصوص والتي سوف يوفرها المشروع، في عمليات الاستيراد والتصدير ومختلف التبادلات التجارية والخدمات”.
وجدير بالذكر أن الجزائر وقّعت خلال السنتين الماضيتين، إلى اليوم العديد من مذكرات التفاهم و الشراكة مع الصين، كلها تصب في مسار تعميق التعاون الاقتصادي المشترك.
وقد وقعت في مارس 2021 على مذكرة تفاهم بين المؤسسة الوطنية للحديد والصلب “فيرال” وائتلاف شركات صينية، من أجل استغلال منجم الحديد بغار جبيلات بتندوف وسيكون تمويل المشروع جزائريا صينيا مشتركا، وقبلها تفعيل صفقة إنجاز ميناء الحمدانية بتيبازة الذي بهدف إلى فك العزلة عن الدول الإفريقية التي ليست لها منافذ بحرية وما يرافق ذلك من إعطاء دفع قوي للحياة الاقتصادية و توفير مناصب الشغل، وسوفبنجز –حسب تقديرات وزارة الأشغال العمومية- بتمويل مشترك جزائري-صيني بقرض طويل المدى من الصندوق الوطني للاستثمار والبنك الصيني “أكزيم بنك” على أن يتم إنجازه في غضون سبع سنوات ويرتقب أن يدخل الخدمة تدريجيا في غضون 4 سنوات مع شركة صينية -موانئ شنغهاي-ستضمن استغلال الميناء.
للتذكير، ترتكز مبادرة طريق الحرير على تطوير خطوط تجارية بحرية وبرية وعبر السكة الحديدية بين الصين وباقي العالم وهو ما رصدت له ميزانية 1.000 مليار دولار.
وتغطي شبكة طرق الحرير ما يعادل 4.4 مليار شخص أي 63 % من سكان العالم و 30% من الناتج الداخلي الخام العالمي. وقدرت المبادلات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا 30% من المبادلات العالمية سنة 2018 وتبقى الصين أكبر مصدر للمواد المصنعة بـ 13% من الحجم العالمي.
رزيقة. خ