الأحد , نوفمبر 17 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحدث / المحلل السياسي الفرنسي "بيار لوي ريمون" لـ "الجزائر":المحلل السياسي الفرنسي "بيار لوي ريمون" لـ "الجزائر"::
“ملف العلاقات مع الجزائر معقد وذو أهمية قصوى لماكرون”

المحلل السياسي الفرنسي "بيار لوي ريمون" لـ "الجزائر":المحلل السياسي الفرنسي "بيار لوي ريمون" لـ "الجزائر"::
“ملف العلاقات مع الجزائر معقد وذو أهمية قصوى لماكرون”

• ليس هناك أي استنتاجات من عدم زيارة الرئيس ماكرون للجزائر 
• ماكرون من الجيل الجديد ويريد علاقات جديدة قائمة على الثقة
• علاقة فرنسا بالغاز الصخري ليست كعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية

اعتبر المحلل السياسي الفرنسي ” بيار لوي ريمون ” أن العلاقات الفرنسية  الجزائرية ” مطبوعة بترسبات وليدة التاريخ أسهمت في تعقيد روابطنا المشتركة “، مضيفا أنه ” عادة ما يشكل انطلاق ولاية رئاسية جديدة بفرنسا بوابة لإعادة النظر في علاقات فرنسا بالجزائر “، وقال الأستاذ الأكاديمي بيار ريمون في حوار مع “الجزائر” أن ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية يبقى من “الملفات المعقدة “، ومفيدا في ذات الوقت أن تأخر زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر أمر ” لا يجب أن يخضع لاستنتاجات وأحكام مسبقة “. كما رافع بيار لوي ريمون الذي يعتبر أحد المتابعين لملف العلاقات الجزائرية الفرنسية على ضرورة التوجه نحو تكثيف الشراكة على قاعدة رابح-رابح وخلق تحدي اقتصادي بين الطرفين.
من المعروف أن الكثير من الملفات المهمة والمعقدة تطغى على العلاقات بين الجزائر وباريس، كيف تقيمون مستوى العلاقات بين الطرفين حاليا؟
أكيد أن العلاقات الفرنسية الجزائرية مطبوعة بترسبات وليدة التاريخ أسهمت في تعقيد روابطنا المشتركة، وعادة ما يشكل انطلاق ولاية رئاسية جديدة بفرنسا بوابة لإعادة النظر في علاقات فرنسا بواحد من أكثر البلدان ارتباطا بها على أساس الحميمية بل العاطفة ولو تطورت هاتان الأخيرتان على خلفية لم تهيئ دائما ظروفا ملائمة لتثبيت التهدئة وتحقيق الثقة المتبادلة. هذه نقطة أعتبرها ضاربة في جذور التاريخ.  أما النقطة الثانية، وهي من الأهمية بمكان، فهي أن التاريخ لا ينتهي أبدا من كتابته. وهذا ما ينبغي أن يذكرنا به دائما وصول أسرة سياسية جديدة إلى سدة الرئاسة.
هل يؤثر تأخر زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر على العلاقات الثنائية، ومعروف أن الرؤساء الفرنسيين كانوا يولون أهمية قصوى للجزائر في خرجاتهم الأولى بعد انتخابهم لقيادة فرنسا؟
هنا يجب أن ننتبه إلى شيء فلا نتصور الأمور على أنها تحمل في طياتها تشخيصا نهائيا لا يقبل الرجعة. بعبارة أخرى ” عدم زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر ” إلى الآن غير قابل لأي استنتاجات خاصة المتسرعة منها. نحن الإعلاميون دائما في سباق مستمر مع الزمن وننزع إلى إسقاط توقعاتنا بنبض دقات عقارب الساعة المتسارعة. لكن لا يجب أن نغيب عن أذهاننا أن زمن السياسة غير زمن الإعلام، خاصة إذا ما تذكرنا واحدة من أكثر ملامح شخصية إيمانويل ماكرون لفتا للنظر وهي اعتماده على عنصر الوقت، وهو الذي تشبع بفلسفة المفكر الفرنسي ” بول ريكور ” الذي يعتبر من أشهر كتابنا في الغرب الذين نظروا لدور الزمن في تكييف علاقتنا بالعالم. وهذا بكل تأكيد ينعكس جذريا على الطريقة التي ينظر بها ماكرون إلى جيو-سياسة الدولية. ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية ملف معقد، والسكوت الظاهر بشأنه في الوقت الراهن قد نقرؤه عند رئيس أعلن هو نفسه ” المتحكم في الساعات ” وأنه من أكثر الملفات أهمية على أجندته وليس العكس.
نلحظ غياب تنسيق فرنسي جزائري ترجمه تقلص الزيارات بين الوفود الرسمية من الجهتين، هل هو مؤشر على جمود في العلاقات بين الدولتين؟
أشاركك التشخيص في شق من السؤال، وهو ضرورة أن تتكثف الزيارات بين الوفود الرسمية من الجهتين، لكن قد اختلف معك في موضوع غياب تنسيق فرنسي- جزائري بهذا الشأن. وهنا سأنطلق من نموذج مستوى الجهات وليس الحكومات.  فلا ينبغي أن تفوتنا مثلا زيارة قام بها وزير الداخلية الحالي جيرار كولومب إلى الجزائر قبل تعيينه في المنصب الوزاري الذي يشغله حاليا.  فقبل أن يتولى مهام وزارة الداخلية الفرنسية ، كان جيرار كولومب عمدة مدينة ليون، مدينتي، وسعى فيها إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين ومن بين هذه المساعي تحديدا زيارته إلى الجزائر مصحوبا بعدد من أرباب شركات متوسطة وصغرى ذوي صيت ونفوذ. أكيد أن مسعى من هذا الطراز سيؤتي ثماره عاجلا أو آجلا خاصة مع انخراط ” كولوب ” الآن في أسرة ” الجمهورية إلى الأمام “. لكن، وأنت محق في هذه النقطة، لا يمكن أن نرى آثارا واضحة لمثل هذه المبادرات طالما لا تتميز بالاستمرارية وتحظى بعناية من السلطات لا تقل استمرارية.
من المرتقب تنظيم لجنة حكومة عليا رابعة في شهر ديسمبر المقبل، في باريس، هل هي فرصة لدفع وتعزيز التعاون الثنائي؟
بكل تأكيد. أنت تعلم بأن اللجان الحكومية المشتركة، وغيرها من الاجتماعات ذات الطابع الدبلوماسي، سواء تعلق الأمر بالدبلوماسية السياسية أو الاقتصادية أو حتى الاجتماعية والسياسية، تفتح المجال أمام فترات مخصصة للمحادثات الجانبية التي تدور خلف الكواليس، بعيدا عن الأضواء والجلسات الرسمية و البيانات الختامية. وهنا تأتي المناسبة للمكاشفة والحديث الصريح وقياس مدى الرغبة المشتركة في الدفع بالأمور قدما. وهنا تنظيم لجنة حكومية رابعة مؤشر واضح على نية مشتركة في المضي بالأمور قدما.
من الواضح أن الجزائر دعمت “المترشح” إيمانويل ماكرون في سباق الرئاسة، واستقبل خلال الحملة الانتخابية استقبال الكبار في العاصمة الجزائر، كيف يرى ماكرون العلاقات مع الجزائر حسبكم؟
أتمنى أن يزور الرئيس  إيمانويل ماكرون الجزائر قريبا فتطرحون عليه السؤال مباشرة وأكيد أنه سيجبيكم باستفاضة وتوسع وتعمق، كما عودنا عليه خاصة بشأن الملفات ذات الأهمية القصوى.  أما قراءتي أنا فهي أن الرئيس ماكرون، بوصفه منتميا إلى جيل انتمي إليه أنا أيضا، من الذين يريدون كتابة فصل جديد من تاريخ العلاقات بين شعبينا. نحن ننتمي إلى جيل لم يعايش الأحداث التي عاشها أجدادنا، جيلنا جيل درس حقبة الاستعمار في كتب التاريخ ، جلس مع من عاشرها من الجانبين، تحدث وسأل وأراد التشبع بمعرفة ما جرى، ولكننا أولا جيل ينظر إلى المستقبل. أكيد أن النظر إلى المستقبل لا يتم لأحد دون أن يسلك طريقا مهدت له خلفية التاريخ لكننا نريد أساسا بناء علاقة تسودها رغبة مشتركة في المضي قدما وهذا يمر عبر الثقة والثقافة المشتركة.
انتقد الكثير من المثقفين الفرنسيين من اليسار تراجع ماكرون في مواقفه بخصوص “تجريم الاستعمار” في الجزائر، هل يمثل هذا الأمر أولوية بالنسبة للبلدين؟  
لا أعتقد أن هؤلاء المثقفين “اليساريين” أصابوا في تسييس الأمور بهذه الطريقة. فلا أظن أن الكلام الذي توجه به ماكرون إلى الشعب الفرنسي، وأيضا الجزائري بعد المقابلة التي قام فيها بتجريم الاستعمار ألغى الفكرة ذاتها، وإنما حاول، في تقديري ، إشعار جميع من ظلت علاقته بالجزائر على درجة كبيرة من الحميمية بقطع النظر عما صنعت به ظروف التاريخ الموضوعية، بفهمه أولا بمدى تعقد الموضوع وأيضا باستيعابه لتنوع طبقات الذاكرة المجروحة. لا ننسى أن آخر ما ختم به كلامه عبارة ” أحبكم ” وهي على لسان هذا الرئيس الشاب عبارة تحمل دلالات كثيرة.
ينتقد الكثيرون الشراكة الاقتصادية بين باريس والجزائر، ويعتبرون الجزائر سوقا أو “بازار” للمنتوجات الفرنسية، لماذا لا توجد شراكة اقتصادية حقيقية بين فرنسا والجزائر؟
صحيح أن هذا الانطباع ينطلق من حقائق واضحة ماثلة للعيان وهي حقائق تولد هذه الصورة النمطية و تغذيها. وسيكون تكسير هذه الصورة النمطية واحدا من أكبر التحديات التي يتعين على فريق ” الجمهورية إلى الأمام ” مجابهته. الجزائر تزخر بالطاقات الاقتصادية الفتية شأنها شأن فرنسا. لا يمر علينا أسبوع دون أن نقرأ عن انخراط شركات متوسطة وصغرى لبلدينا في مشاريع تثلج الصدر، لكنها مشاريع أحادية التوجه لا ترقى إلى مستوى الشراكة على النحو المنتظر.
هل النموذج الإقتصادي الجزائري الجديد رابح- رابح من شأنه أن يعود بالفائدة على البلدين؟
هذا المعطى معطى جوهري. طالما هيمن في هذه الآونة الأخيرة النموذج رابح-رابح على أدبيات العلوم الاقتصادية والسياسية  بفرنسا، وهي من المحاور الأساسية التي يتناولها متخرجو المدرسة الوطنية الفرنسية للإدارة، انظروا مثلا كيف نظرت له شخصية مثل ” سيغولان روايال ” في العهد الرئاسي السابق و قبله أيضا. الآن مرة أخرى، حان وقت التحدي، التحدي الاقتصادي الكبير الذي ينبغي أن يخوض فيه بلدانا. أي نموذج اقتصادي جديد يبحث بكل تأكيد عن قيمة مضافة. لكن هذه القيمة المضافة لا يتأتى الانتفاع بها طالما لم تجد طريقها إلى التطبيق الميداني. والتطبيق الميداني في هذه الحالة بالنسبة لبلدينا هو تكثيف محور الشراكة.
هناك وفد أمريكي زار الجزائر مؤخرا للتباحث حول استكشاف الغاز الصخري في الجزائر، هل الشركات الفرنسية بدورها مستعدة للاستثمار في الغاز الصخري، وهل هي قادرة على منافسة نظيرتها الأمريكية في هذا المجال؟
لقد مثل موضوع استغلال الغاز الصخري بفرنسا، الذي بات محظورا، والبحث في سبل استغلاله وهو ما ليس محظورا لكن محل نقاش حاد، جدلا هيمن على جلسات البرلمان الفرنسي في العهد الرئاسي السابق. في حدود علمي، لم يدل وزير البيئة ” نيكولا هيلو ” بتصريح واضح المعالم بخصوص موقف فرنسا من مسألة الغاز الصخري من منطلق بيئي. أما موضوع الاستثمارات الفرنسية في هذا المجال خارج حدود فرنسا، فيبقى بالتأكيد بابا مفتوحا رغم أن المعلومات التي تذهب في هذا الاتجاه ليست متوفرة بشكل كبير. لكن ما يبدو واضحا أيضا هو أن علاقة فرنسا بالغاز الصخري لم تبلغ نفس الدرجة من العضوية التي وصلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية. لذا تبدو لي مسألة التنافس خارج مدار التوقع حاليا.

حاوره إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super