الثلاثاء , مايو 21 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة الأستاذ العراقي أيوب علي: قراءتي لرواية “الاسود يليق بك”

مساهمة الأستاذ العراقي أيوب علي: قراءتي لرواية “الاسود يليق بك”

أحلام مستغانمي كاتبة رواية محترفة، استطاعت أن تصنع من خلال كلماتها الجميلة عالما قابلا للبحث والتمعن فيه، الرواية كانت محفزا للقارئ لأن يرفع من معدل قراءاته،  فالروائية ابدعت في رواية ( الاسود يليق بك  ) لأنها : أولا-  قدمت روايتها بلغة أدبية تجعل المتلقي يستمتع بالنص، ويتوقف عند العديد من الجمل التي صاغتها الكاتبة بطريقة فنية .

ثانيا-  استخدامها أسلوبا أدبيا وبلغة اقرب إلى الفلسفة، كانت تحث القارئ على التفكير، إضافة إلى الاستمتاع بما ينهل منها، ومن ثم تكون قد تجاوزت تقديم الأفكار الجاهزة والمباشرة، التي تجعل المتلقي مجرد (تلميذ) يتلقى المعلومات .

 ثالثا- الأفكار التي طرحتها أحلام في الرواية “الأسود يليق بك” أفكار لم يتم الاتفاق والإجماع عليها من المجتمع، فهي ما زالت في مدار البحث بين المؤيد والرافض لها، وهنا تكمن أهمية الرواية.

رابعا – سرد الرواية لأحداث تاريخية معاصرة ـ الجزائر، فترة انتشار العنف في الجزائر،  احتلال العراق، المقاومة في لبنان، أحداث حماه عام 1981، تجعل الرواية تتجاوز موضوع الحب الذي يثير المواطن  المحروم منه، ومن ثم هي تقدم عمل روائي شامل يتحدث عن العديد من القضايا التي تشكل الهم الانساني.

 خامسا –  تضمنت الرواية العديد من الحكم والأمثال والكلمات التي تشكل تجربة حياة أو تحفز القارئ على التمتع والتوقف عندها، وهذا يجعل من الرواية تتجاوز المحلية  إلى العالمية لما فيها من أفكار تؤرق الإنسان أينما كان،  كما أن أحداثها التي تجري في العديد من البلدان ( فرنسا، النمسا،  الجزائر،  سوريا،   العراق،   لبنان،  مصر ) تجعلها عمل أدبي اقرب إلى العالمية من الإقليمية.

 سادسا-  الرواية أعطت المرأة  دورا ومكانة رفيعة تنافس فيها المجتمع ألذكوري،  من هنا تكون أحلام في عملها ـ بوصفها امرأة ـ قد قدمت أنموذجا فاعلا وحيويا لهذا الجزء من المجتمع.

موضوع الرواية في الأساس هو الحب المثير للمرأة وللرجل معا،  المرأة ( بطلة الرواية ) التي قررت أن تواجه القتلة، ومن يقف وراءهم ومن عمل على زجهم لفكر التكفير، ومن يعمل على تغذيهم بالرجال والسلاح، والرجل ( بطل الرواية ) الذي فقد قضيته،واصحب يرى في المرأة التي تحمل قضية، موضوع إعجاب ويمكن أن يكون حسدا في العقل الباطن.

في زمن أصبح المنتمي يشكل حالة من القدسية النادرة، فعل غير متوفر إلا عند البعض فقط، ويمكن أن يكون دوافع الرجل المتنفذ، هو مساواة المرأة المؤمنة بقضيتها به هو الكافر بكل القضايا الوطنية والقومية، لكي تتساوى معه في الكفر، هذه الفكرة الأساسية في الرواية التي تدور أحداثها في العديد من ألاماكن، الجزائر لبنان سوريا مصر العراق فرنسا النمسا، لكن كانت فرنسا تحديدا هي المكان الذي يلتقي فيه العاشقين، وهو الملاذ الأهم بالنسبة لهما.

تعطينا الرواية صورة الرجل الشرقي  المكسور داخليا، الذي يستطاع أن يشتري العالم بماله من ثم هو قادر على شراء أو إغواء الفتاة التي تعد أفقر من أن تستطيع أن تواجه طغيان ماله وسطوته، فالرجل  الشرقي الذي أخذت المرأة منه مساحة كبيرة من التفكير لما تشكله من عقدة (الحرمان) يبدأ العمل كصياد ماهر جدا متقن لعمله ويعرف كافة التفاصيل عن طريقة الصيد المثلى، لكنه قبيل أن ينقض على طريدته يأخذ بشرب النبيذ الفرنسي فتبدأ عقدته وعيبه الذي يخفيه بالظهور بشكل سافر للمرأة، فتفلت من الشباك ويبقى هو أسير لفكرة الحرمان ـ قضية إنسانية، المرأة والجنس ـ إذن المرأة هي التي تنتصر على الرجل أولا ثم على المجتمع ثانيا، وكأن الكاتبة في روايتها “الأسود يليق بك” تنهي عصر المجتمع ألذكوري وتفتح الباب مشرعا لعصر المجتمع الأنوثة، الذي كان منتصرا في كافة المواجهات، إن كانت شخصية أم وطنية أم قومية أم إنسانية، بينما كان الرجل هو الطرف المهزوم، هزمته المرأة الفقيرة بكل شيء، في الحب وفي حمل القضية.

صدرت رواية (الاسود يليق بك) عام 2012 تدور أحداث رواية (الاسود يليق بك) بين البطلة (هالة الوافي) وهي مغنية أوراسية (من اب جزائري، وأم  سورية)  تبلغ من العمر 27 عاما) تمتهن التعليم وتمارس هواية الغناء، تعركها مآسي المحنة الأمنية التي عاشهتا الجزائر  فترة التسعينيات. يقتل العنف والدها، المغني المعروف، كما يقتل أخاها (الشاب المثقف الحالم بالارتباط بالصحافية) والبطل ( طلال  هاشم) وهو رجل أعمال لبناني  كبير ومشهور تميز بثرائه واتصف بغروره، حيث تبدأ أحداث الرواية عندما يراها البطل على شاشات التلفاز ليقع في حبها ويختارها حبيبة حيث كات تلبس فستانا اسودا انيقا، وكانت في مقابلة ليسألها المذيع : ( لم تظهري يوماً  الا بثوبك الاسود ..الى متى سترتدين الحداد ؟   تجيب …-  الحداد ليس في ما نرتديه بل في ما نراه، إنه يكمن في نظرتنا إلى الاشياء) الرواية ص 15 – 16. تفاجأ البطل الثري بعمق كلماتها ومدى حزنها وظل يتذكر كلماته ولم تغب عن باله إلا أنه لم يعرف عنها شيئا، وفي أحد الايام فوجئ وهو على طائرة كانت تنقله الى باريس بصورة لها على صفحة فنية فعرف اسمها وهو (هالة الوافي).

تطل ( هالة الوافي ) مع ثلاثة ضيوف في برنامج تلفزيوني تميزت  فيه بفستانها الأسود كان يعرف به البطل الثري فأرسل اليها باقة تحمل بطاقة كتب فيها (الأسود يليق بك)،  وعندما قدمت لها تفاجأت ( هالة الوافي ) في الجو المليء في الحب. وبعد إنقضاء ثلاثة اسابيع كتب على بطاقة أراد ارسالها لـ ( هالة ) رقم هاتفه فقط، وبقي منتظرا لهاتفه ان يرن وهو غير موجود مع زوجته. ترددت هالة في طلبه مساءا فاتصلت فيه وقت الصباح وبصوت مرتجف قالت: الو،  رد عليها اهلا سعيد بالتحدث اليك، وبعد عدة مكالمات فيما بينهما اخبرته بحفل ستقيمه لها في باريس فعرض عليها ان يلتقيا هناك،   وان لم يدلك قلبك علي فلن تريني ابدا تفاجات هالة بالمنطق الغريب وذهبت الى المطار ولم تتعرف عليه فرجعت خائبة، وعند حفلها ظهر رجل في الخمسين من عمره انيق المظهر كان قد اشترى جميع بطاقات الحفل فاستمرت (هالة) في الغناء له لمدة ساعة ونصف لتجد بعد انتهائها باقة من الورد مكتوب في بطاقتها (هل تقبلين دعوتي للعشاء؟ حتما ستتعرفين علي هذه المره). ومنذ ذلك اللقاء تكررت لقاءاتهم ليتركها في آخر لقاء عندما دعته الى غرفتها  فقررت أنها لن تجيب على اتصالاته وستشفى من هذا الحب، فتحررت الشابة ( هالة الوافي) من الاسود ولم تندم على حبها واقرت بانها على استعداد للحب مجددا.

 وضمّنت (أحلام مستغانمي) رواية (الأسود يليق بك) تأريخًا لبعض ما عاناه الشّعب الجزائريّ وبالأخص ما عانته المرأة الجزائرية فمُلِئت الرواية  بالعبر والحكم والتعليقات المفيدة والتي تُشعرُ القارئ بقلمها المُحنّك الذكيّ كأنّه جُزءٌ من حبكة الرواية ليستفيدَ بما تُفضي من الكلام العذب المُعبّر.

الأستاذ العراقي أيوب علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super