جريدة الجزائر اليومية الجزائرية
مقالات مشابهة
رحل الأسبوع الماضي، فيلسوف فرنسي بارز، يكاد لا يشبه الفلاسفة، لا أحد كان يتصوّر وهو يطالع سيرة حياته المضطربة، أنه سيصبح فيلسوفا مرموقا، يؤلف عشرات الكتب المهمة، ينجز نظريات ويبدع مصطلحات فلسفية، ويؤسس في نهاية المطاف مدرسة فلسفية خاصة به.
اسمه برنار ستيغلر (Bernard Stiegler (2020 -1952 لم يتخرّج من الجامعة، غادر باكرا المدرسة، واشتغل في كل المهن البسيطة والشاقة: فلاح، راعي غنم، سائق شاحنة، نادل.. كان في حاجة ماسة للمال، ليسد رمق عائلته، فقد تزوج شابا صغيرا وأنجب ابنته الأولى وعمره لا يتجاوز 19 سنة. “إنجاب طفل، أمر لا يمكن التنبؤ به تمامًا ويلقي عليك مسؤوليات جسام. أن تنتقل فجأة إلى مرحلة البلوغ، يعني ضمان تناول الطعام والسكن لطفلك، هكذا ستكون وجها لوجه أمام مسؤوليات لا قبل لك بها”، كما اعترف للإذاعة الثقافية الفرنسية.
وعندما استقر به المقام واشترى محلا، حاصرته الديون من كل جهة، اكتشف عالما رأسماليا جشعا لا يرحم. هكذا قرر السطو بالسلاح على البنوك، وبعد عدة محاولات، ألقي عليه القبض، زج به في السجن، وسرعان ما قضى خمس سنوات في السجن (من سنة 1978 الى 1983). هناك قرأ كتبا فلسفية كثيرة. طالب بزنزانة انفرادية، ليقرأ أكثر ويكتب أيضا، رفض طلبه في البداية، لكنهم سرعان ما رضخوا له بعد أن أضرب عن الطعام.
هكذا تعرّف على الفلسفة مصادفة، كما عنون كتابه الحواري: «Philosopher par accident» وكان السجن أستاذه الحقيقي الذي علمه الفلسفة، كما صرح لمجلة “الفلسفة” الفرنسية.
يعتبر برنار ستيغلر، أحد كبار المفكرين في مجال التغييرات الاجتماعية التي أحدثتها التقنيات الرقمية؛ للأسف لم تترجم أعماله رغم أهميتها إلى اللغة العربية.
…
لمحة تعريفية: بوداوود عميير، من مواليد مدينة العين الصفراء/ ولاية النعامة، قاص ومترجم، وباحث في الأدب الكولونيالي وكاتب مقالات في العديد من الصحف والمجلات الجزائرية والعربية. ومن بين ترجماته من الفرنسية إلى اللغة العربية، مجموعة من الكتب التاريخية والأدبية، فمن الكتب ذات الصلة بتاريخ الجنوب الغربي الجزائري. ترجم: لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري عام 2008، كتاب النسب الشريف عام 2009، سيدي الشيخ، الشخصية الخارقة عام 2010. كما ترجم المجموعة القصصية ياسمينة وقصص أخرى لإيزابيل إيبرهارت، والتي صدرت في طبعتها الأولى سنة 2011 عن دار القدس العربي في وهران، وعن كِتاب مجلة الدوحة القطرية في طبعة ثانية ومنقحة سنة 2015. وصوب البحر، مجموعة قصصية صدرت عن دار الكلمة للنشر والتوزيع بالجزائر. وديوان صديقتي القيثارة للراحلة صفية كتو، صدر عام 2017، عن دار الوطن اليوم…
بوداوود عميير