جريدة الجزائر اليومية الجزائرية
مقالات مشابهة
كثيرا ما يحمل العمل الفني أسرار، ألغاز وحكايات حتى وان بدى لنا لأول وهلة اننا احطنا بمكوناته الجمالية والفكرية..
في هذه اللوحة يقابلنا بائع شاب يعرض جلد نمر وخوذة حربية أيوبية أو مملوكية، في هذا النوع من اللوحات الإستشراقية نرى غالبا البائع خارج السوق في احدى زوايا الأزقة الضيقة بالمدن الإسلامية مثل القاهرة ودمشق في تلك الفترة.
البائع في هذه اللوحة لا أثر للفرح أو الحزن على ملامحه، أنه وجه ممسوح لخادم حافي القدمين قد يكون كلفه سيده ببيع ما زاد عن حاجته من مقتنيات ربحها بالحرب ولم يكن له الوقت ساعتها للانتقاء فهي ساعة غنيمة..
نتساءل، أيمكن أن نقرأ شيء آخر في هذه اللوحة التي تبدوا وكأنها تمثل منظرا لما بعد المعركة من نصر، حيث يعود المحاربون بعد استباحة المدن لثلاثة ايام متتالية بغنائم ..نعم هناك احوال وانشغالات مختلفة لأناس مختلفون في مصائرهم، بهذه اللوحة…
بعد تركيزنا على بائع جلد النمر تنتقل اعيننا في اللوحة على ما بعده وهي صورة مقاتل يبدو وكأنه قد تأخر مع من بقي من جامعي الغنائم من المحاربين المنتصرين، لننتقل بعده بصريا الى مستوى أبعد لامرأتين ..واحدة بالأسفل والثانية فوق سطح مبنى ذي أقواس، المرأة الأولى تبدوا كخادمة تأتي بطعام كما هو الحال في مصر ربما للاحتفاء بالعائد مقتفية العائد بنظراتها المحملة بالفضول والحسد..اما الثانية التي هي فوق بلباسها الأسود فتشعرنا انها تنتظر احدا لم يعد بعد طول انتظار وقد كانت تتلمس عودته مع العائدين، هل هو زوج، ابن عشيق، لا نعلم شيئا عن ذلك، تشعرنا تلك المرأة بشيء من الحيرة، الحزن، الترقب العبثي..
في الأخير فاللوحة تحكي أشياء كثيرة وتسافر بنا في مصائر مختلفة وتروي لنا قصة اخرى غير التي نراها في اللوحة…
…
لمحة تعريفية: الفنان مصطفى بوسنة رسام هو نحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة. حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة الريشة على يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفى عيدود ودينيس ما رتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفى بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج الجزائر. وقد أقام معرضا لآخر اعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة.
التشكيلي مصطفى بوسنة