الثلاثاء , مايو 7 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة مصطفى بوسنة: عبد الرحمن بن يحيى الإرياني… “الرئيس القاضي”

مساهمة مصطفى بوسنة: عبد الرحمن بن يحيى الإرياني… “الرئيس القاضي”

 

رغبة مني لمعرفة أكثر بالتاريخ اليمني، طالعت هذه الأيام في الحجر المنزلي مذكرات عبد الرحمن بن يحيى الإرياني، الذي اشُتهر في اليمن بلقب “الرئيس القاضي”.. أول رئيس للجمهورية اليمنية يقوم بهذه الخطوة.

ويعتبر بعض المؤرخين الإرياني أول رئيس عربي يقدم استقالته طواعية، رغم أن خصومه يشككون في ذلك ويعلنون أنه أطيح به في انقلاب أبيض في 1974 على خلفية صراع بين قادة الثورة اليمينية وهو ثاني رئيس لليمن بعد عبد الله السلال.

يقال إن تأخر نشر أسرة الإرياني لمذكراته ربما يأتي التزاما بأن تنشر بعد وفاته تجنبا لما قد ينشئ من إحراج مع الشخصيات المشار إليها في المذكرات..

يبدأ الجزء الأول من عام 1910، وهو العام الذي ولد فيه صاحب المذكرات، وينتهي بعام 1962، وهوالعام الذي قامت فيه الثورة التي أطاحت بالنظام الملكي.

ويبدأ الجزء الثاني من الكتاب بهذا التاريخ، وينتهي بعام 1967، وهوالعام الذي وقع فيه الانقلاب الأبيض المعروف بـ(حركة 5 نوفمبر)، والذي بموجبه تولى الإرياني مقاليد الحكم في اليمن، بعد الإطاحة بالرئيس عبدالله السلال..

وعلى الرغم من أن الكتاب في مجمله يؤرخ لمرحلة من أهم فترات التاريخ المعاصر في اليمن؛ إلا أن الجزء الثاني منه يمثل أكثر أهمية؛ لأن المؤلف أصبح لاعبا أساسيا في الأحداث التي يؤرخ لها هذا الجزء، حيث يقدم شهاداته عن كثب لأهم الأحداث التي وقعت بعد قيام الثورة الجمهورية عام 1962م.

أبرز تلك الأحداث فترات التوتر بين السعودية ومصر في رسم مسارات حكومات العهد الجديد في اليمن ثم وصول الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر إلى اليمن قبل أن يقع الشقاق مع أعضاء مجلس قيادة الثورة اليمنية ليتم اغتيال محمد الزبيري أحد قيادات الثورة بعد خلافه مع عبدالناصر، ثم كشف الإرياني عن أسماء المتورطين في الإغتيال.

ويوجه المؤلف انتقادات حادة للحقبة الناصرية قائلا “رغم جسامة التضحيات التي قدمتها مصر في دعم الثورة اليمنية إلا أن سياسة عبدالناصر التي نفذها في اليمن لم تتجرد من روح التسلط الإقليمي، والغرور الشخصي”.

وتطور الشقاق في العهد الناصري إلى استدعاء لحكومة اليمن إلى القاهرة عقب تفاقم الخلاف بينها وبين الرئيس عبدالله السلال ثم اعتقال أعضاء الحكومة بالقاهرة، وهي الحادثة التي قال فيها أحد قادة الثورة : “كنا نطالب بحرية القول، فأصبحنا نطالب بحرية البول”، ليتطور الأمر للإطاحة بالرئيس السلال، ليحل الإرياني محله على رأس المجلس الجمهوري في انقلاب أبيض عام 1967م..

والإرياني لا يسرد هذه الأحداث كوقائع عابرة، ولكنه يتحدث عنها كوقائع عاشها، وكان شاهد عيان عليها، بل وشخصية محورية في بعضها، وهوفي سرد هذه الأحداث يجمع بين سلاسة الأديب، وعقلانية السياسي، محاولا أن يقدم في تفسيراته للأحداث والوقائع برؤية موضوعية، بعيدا عن التحيز والانجرار إلى الخطاب الموقفي الذي كثيرا ما يفسد على المؤرخ مصداقيته، ويحيله إلى شاهد زور لا أكثر..

وقد تضمن الكتاب جملة من الملاحق (تصل إلى 50 ملحقا)، وعددا من الصور التي استمدها المؤلف من أرشيفه الخاص، واختارها بعناية فائقة حتى لتوشك كل صورة منها أن تكون وثيقة إثبات لا شجنا مستعاد لسالف الأيام.

مصطفى بوسنة

 

Watch Dragon ball super